يستطيع الدارس لهذه الرسائل أن يصفها بأنها: وثائق تاريخية هامة تؤرخ لجوانب من النضال الوطني في سبيل استقلال الدولة المغربية وحرية الشعوب المغاربية وكرامتها...
كما تكشف لنا بشكل أخص؛ عن جانب مهم وغير معروف -على نطاق واسع- من سيرة الفقيه عبد الله كنون؛ ألا وهو نضاله السياسي وجهوده في إطار الحركة الوطنية؛ فالدراسات التي أنجزت عن الأستاذ عبد الله كنون تقدمه أديبا كبيرا وشاعرا مبتكرا، وباحثا في تاريخ المغرب والأندلس، ومحققا لكتب التراث على اختلاف موضوعاتها، ومفكرا إسلاميا يجاهد بقلمه وتحركاته في حظيرة الدفاع عن الإسلام والمسلمين؛ ولكن أية دراسة في مجال الحديث عن العلامة الأستاذ عبد الله كنون لم تتطرق إلى الجانب السياسي والاجتماعي وعمل الأستاذ كنون في الحركة الوطنية التي كان رائدا من روادها الأوائل وفاعلا في مساراتها وقراراتها، من دون أن يعلن زعامة سياسية أو يؤلف حزبا سياسيا؛ بل كان يمثل رجل العلم بجلاله وجماله حتى خلف من ورائه كتبا ودراسات لا تزال وستبقى موردا ومصادر يرجع إليها الباحثون ويأخذ منها المهتمون.
وفي هذا الإطار يستطيع الباحث أن يستخلص من هذه الرسائل عددا من الاستنتاجات الهامة حول الدور الذي أداه الفقهاء-ومنهم: الفقيه كنون-في المسألة الوطنية؛ ومساعيهم وجهودهم لإرساء دعائم وطنية صادقة عبروا عنها من خلال جهادهم المتواصل وعملهم الجاد الدؤوب الذي ترى الواحد منهم فيه يعطي دون أن يأخذ، ويضحي دون أن يتخوف على حقوقه وامتيازاته، ويُقْدم في غير تهور، ويحجم في حكمة وتبصر؛ إحجاما يراعي المسؤولية قبل أن يراعي الحقوق والامتيازات
